هو عبد الله بن رواحة بن امرئ القيس, من بني مالك بن ثعلبة. أبو محمد.
صحابي ومن الشعراء الراجزين. كان يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم بشعره
ويحرك ركاب الغزاة والمجاهدين. كان أحد النقباء الاثنى عشر في بيعة العقبة.

كان كاتبا وشاعرا من أهل المدينة ، منذ أسلم وضع كل مقدرته في خدمة الإسلام
، بايع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في بيعة العقبة الأولى والثانية ،
وكان واحدا من النقباء الذين اختارهم الرسول الكريم.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( نِعْمَ الرجل عبد الله بن رواحة )
وقال - صلى الله عليه وسلم-(رحِمَ الله ابن رواحة ، إنه يحبّ المجالس التي
يتباهى بها الملائكة ) وقال ( رحِمَ الله أخي عبد الله بن رواحة، كان أينما
أدركته الصلاة أناخ....
جلس الرسـول - صلى الله عليه وسلم- مع نفر من أصحابه فأقبل عبد الله بن
رواحة ، فقال له الرسـول الكريـم كيف تقول الشعر إذا أردت أن تقول ؟فأجاب
عبد الله ( أنظُر في ذاك ثم أقول ) ومضى على البديهة ينشد :

يا هاشـم الخيـر إن اللـه فضلكم.....على البريـة فضـلاً ما له غيـر
إني تفرَّسـتُ فيك الخيـر أعرفـه.....فِراسـة خالَفتهم في الذي نظـروا
ولو سألت أو استنصرت بعضهمو.....في حلِّ أمرك ما ردُّوا ولا نصروا



كان يحمل عبد الله بن رواحة
سيفه في كل الغزوات وشعاره ( يا نفْسُ إلا تُقْتَلي تموتي ) وصائحا في
المشركين : خلُّوا بني الكفار عن سبيله خلوا، فكل الخير في رسوله
استخلفه الرسول - صلى الله عليه وسلم- على المدينة حين خرج إلى غزوة بدر الموعد، وبعثه في سرية في ثلاثين راكباً إلى أسير
بن رازم اليهودي بخيبر ، فقتله ، وبعثه رسول الله - صلى الله عليه
وسلم-إلى خيبر خارِصاً ، فلم يزل يخرص عليهم -أي ما يتوجب دفعه عليهم لرسول
الله من تمرٍ وغيره- إلى أن قُتِل بمؤتة.
كان عبد الله - رضي الله عنه- ثالث الأمراء فيها ، زيد بن حارثة ، جعفر بن
أبي طالب ، والثالث عبد الله بن رواحة ، فودّع الناس أمراء رسول الله - صلى
الله عليه وسلم- وسلّموا عليهم ، فبكى عبد الله بن رواحة ، فسألوه عما
يبكيه ، فقال (أما والله ما بي حبّ الدنيا ولا صبابة إليها ، ولكنّي سمعت
رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقرأ وإنْ منكم إلاّ وَارِدُها كانَ على
ربِّكَ حتّماً مقضياً سورة مريم آية (71)
وتحرك الجيـش الى مؤتة ( 8 هـ )، وهناك وجـدوا جيـش الروم يقرب من مائتي
ألف مقاتل ، فنظر المسلمـون الى عددهم القليل فوَجموا وقال بعضهم فلنبعث
الى رسول الله نخبره بعدد عدونا ، فإما أن يمدنا بالرجال وإما أن يأمرنا
بالزحف فنطيع )...ولكن نهض ابن رواحة وسط الصفوف وقال يا قوم ، إنا واللـه
ما نقاتل أعداءنا بعَـدَد ولا قـوة ولا كثرة ، ما نقاتلهم إلا بهـذا
الديـن الذي أكرمنا الله به ، فانطلقوا ، فإنما هي إحدى الحُسنَيَيـن ،
النصر أو الشهادة ) فهتف المسلمون قد والله صدق ابن رواحة ).
والتقى الجيشان بقتال قوي ، فسقط الأمير الأول شهيدا، ثم سقط الأمير الثاني
شهيدا ، وحمل عبد الله بن رواحة الراية فهو الأمير الثالث وسط هيبة رددته
فقال لنفسه :

أقْسَمـتُ يا نَفـْسُ لَتَنْزلنَّـه.....لتنـزلـنَّ ولتُكْـرَهِـنَّـه
إن أجْلَبَ النّاس وشدُّوا الرّنّةْ.....مالِي أراك تكرَهيـنَ الجنّة
قد طالَ ما قدْ كنتِ مُطمئنةْ.....هلْ أنتِ إلا نُطفةً في شنّةْ



وانطلق يعصف بالروم عصفا ،
وهوى جسده شهيدا وتحققت أمنيته ، وفي هذا الوقت كان الرسول - صلى الله عليه
وسلم- في المدينة مع أصحابه، فصمت فجأة ورفـع عينيه ليظهر عليه الأسـى
وقال ( أخذ الراية زيـد بن حارثة فقاتل بها حتى قُتِل شهيـدا ، ثم أخذها
جعفـر فقاتل بها حتى قُتِل شهيـدا ) وصمت قليلا حتى تغيّرت وجوه الأنصار ،
وظنّوا أنه كان في عبد الله بن رواحة ما يكرهون ، ثم استأنف قائلا ( ثم
أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل بها حتى قُتِل شهيدا ) ثم صمت قليلا ثم
تألقت عيناه بومض متهلل مطمئن فقال ( لقد رُفِعُوا إليَّ في الجنَّة على
سُرُرٍ من ذهب ، فرأيتُ في سرير عبد اللـه بن رواحة أزْوِرَاراً عن سرير
صاحبيـه ، فقلتُ : عمّ هذا ؟ فقيل لي : مَضَيا ، وتردد عبد اللـه بعضَ
التردد ، ثم مضى فقُتِلَ ولم يُعقّب ).