عبد العزيز جايز الفقيري
بسم الله الرحمن الرحيم
سأل أحد نصارى الغرب بعض المسلمين:
- لماذا النساء عندكم لا يخالطن الرجال الأجانب؟!.
فرد قائلا : \"لأنهن لا يرغبن في الإنجاب من غير أزواجهن\"..!!.
بعض الأجوبة تأتي حاسمة مبهتة، إذ تعبر عن الحقيقة كما هي دون زيادة.
من هنا نبدأ رحلة البحث عن كلمة عربية عاشت بيننا قروناً، ومشينا في سكتها دهوراً، وأظلتنا بحيائها طويلا.
فيا إلهي .. هل ملت الجدات منها؟.
أم هل بخل الأجداد في ذكرها؟.
يا إلهي .. أليس منا رجل رشيد، ينير لنا الطريق، ويصدح بنا بكل زئير؛ أعيدوا للغة العربية مجدها، أعيدوا للغة العربية مصطلحها، أعيدوا للغة العربية بيانها!!.
فهذا فريق من المنتسبين إلى (البحث الشرعي) كانت تردد وتعيد وتكرر بأن مفردة الاختلاط إنما هي (بدعة مصطلحية لا تعرف في كتب أهل العلم)، وقال بعضهم بأن (الاختلاط لفظ دخيل لا يعرف في التراث الإسلامي)، وقال آخرون بأن (الاختلاط لفظ معاصر لا تعرفه سائر المذاهب الفقهية الأربعة لأهل السنة) ، وذكر آخرون بأنه لا تعرف لفظة الاختلاط إلا في (خلط المالين في الزكاة) وقال آخرون بأنهم تتبعوا كتب التراث الإسلامي ولم يجدوا لفظة الاختلاط إلا في (اختلاط الراوي) في علم الجرح والتعديل، وتوسع بعضهم وقال إن لفظ الاختلاط لفظ \"لاهوتي-كنسي\" استورده الإسلاميون المعاصرون ولا ذكر له أصلاً عند علماء التراث الإسلامي.
هل يريدون خلط مصطلحات اللغة العربية باللغات الأعجمية والله تعالى يقول: ( لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسانٌ عربيٌ مبين ).
منذ أكثر من ألف وأربعمائة وثلاثين عاماً من الهجرة النبوية وهذا المصطلح موجوداً في الدين، واللغة، ومناحي الحياة.
هذا كتاب البخاري الصحيح، أصح الكتب بعد كتاب الله -عز وجل-؛ يذكر هذا الحديث :
( وقال لي عمرو بن علي حدثنا أبو عاصم قال ابن جريج أخبرنا قال أخبرني عطاء إذ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال قال كيف يمنعهن وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال قلت أبعد الحجاب أو قبل قال إي لعمري لقد أدركته بعد الحجاب قلت كيف يخالطن الرجال قال لم يكن ((يخالطن)) كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حجرة من الرجال ((لا تخالطهم)) فقالت امرأة انطلقي نستلم يا أم المؤمنين قالت انطلقي عنك، وأبت، يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال ولكنهن كن إذا دخلن البيت قمن حتى يدخلن وأخرج الرجال وكنت آتي عائشة أنا وعبيد بن عمير وهي مجاورة في جوف ثبير قلت وما حجابها قال هي في قبة تركية لها غشاء وما بيننا وبينها غير ذلك ورأيت عليها درعا موردا ) أخرجه البخاري.
إذاً .. مصطلح الاختلاط ليس أعجمياً يا عرب، وليس دخيلاً يا مسلمين؛ بل هو عربي إسلامي ذكر في السنة، وهذا الحديث وغيره أكبر دليل على ذلك، وكلنا يعلم قدر كتاب صحيح البخاري ومسلم عند غيرهما من كتب السنة، وكلها خير ونور وبركة.
أما ما ورد في كتاب الله -عز وجل- من آيات فهي أبلغ، وأحكم، وأصوب؛ لمن كان له قلب، أو ألقى السمع وهو شهيد.
يقول الشيخ/ صالح الفوزان -حفظه الله- في استدلاله على تحريم الاختلاط؛ قال تعالى: (وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب) لأن الحجاب يمنع الاختلاط بين الرجال والنساء ويجعل النساء منعزلات من ورائه عنهم حال سؤالهم لهن ـ ومثله قوله تعالى عن مريم (فاتخذت من دونهم حجابا) أي ساتراً يعزلها عن اختلاطها بقومها.
ويقول سماحة الشيخ / محمد بن إبراهيم آل الشيخ -رحمه الله- (مفتي الديار السعودية سابقاً).
قال تعالى : { وراودته التي هو في بيتها عن نفسه ، وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون } وجه الدلالة أنه لما حصل اختلاط بين امرأة عزيز مصر وبين يوسف عليه السلام ظهر منها ما كان كامناً فطلبت منه أن يوافقها ، ولكن أدركه الله برحمته فعصمه منها ، وذلك في قوله تعالى :{ فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم } وكذلك إذا حصل اختلاط بالنساء اختار كل من النوعين من يهواه من النوع الآخر ، وبذلك بعد ذلك الوسائل للحصول عليه ).
ويقول أحد الأخوة : ولكي نفهم هذا الهدي فلا بد لنا أن نتأمل قول الله - عز وجل - في سورة القصص على لسان ابنتي شعيب حيث قالتا: {لا نسقي حتى يُصدر الرعاء وأبونا شيخٌ كبيرٌ}.
ـ وهكذا سجل القرآن هذا المشهد الجليل، عبرة لأولى الألباب، وعظة للنساء وكيف يكون خروجهن؟
فليس الخروج بلا سبب وبلا حاجة، بل هو ضرورة ملحة وحاجة ماسة، خروج لا اختلاط فيه ولا زحام، ولا فتنة فيه ولا إغراء، خروج كله عفة وطهر واحتشام.
ـ إذن ليست العبرة في الخروج ولكن سبب الخروج وكيفية الخروج، ولكن انظر إلى المقابل للواقع البائس للمتحررات من الدين والفضيلة في هذا العصر وقد عجت بهن الشوارع والطرقات، واكتظت بهن المكاتب والحافلات، تاركات البيوت وتربية الأجيال، على غير شيء يجنينه غير ضياع الأولاد، وإهمال حقوق الأسرة وتشتت الشمل هنا وهناك، وغابت أمور كثيرة من العفة والتستر وراحة البال!.
ـ امتلأت الشوارع بالفتيات، كأنهن عارضات أزياء، يتقلبن في أردية الغرب، نافرات من رواء الإسلام العفيف، مقتديات بكثير من نساء الفن الهابط، بعيدات عن سيرة الصحابيات في صدر الإسلام.
إذاً .. هذا كتاب الله، وهذه سنة رسول الله تأمرنا جميعاً بعدم مخالطة الرجال الأجانب للنساء، وأيضاً تنهانا عن مخالطة النساء للرجال الأجانب؛ بل حتى مخالطة القريب من غير المحارم لم تسمح به الشريعة وهذا هو الحديث نصاً من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى.
ففي الصحيحين عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إياكم والدخول على النساء ، فقال رجل من الأنصار : أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت ).
ويقول الأخ/ عبد الله بن صالح العجيري.
( ثم تدبر الحديث التالي، والذي يبين طبيعة مجالس النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان يقع في زمانه من الفصل بين الجنسين:
عن أبي سعيد الخدري: قال النساء للنبي صلى الله عليه وسلم غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوماً من نفسك فوعدهن يوماً لقيهن فيه، فوعظهن وأمرهن فكان فيما قال لهن: \"ما منكن امرأة تقدم ثلاثة من ولدها إلا كان لها حجاباً من النار\" . فقالت امرأة :واثنين؟ فقال: \"واثنين\". وقد بوب الإمام البخاري لهذا الحديث بقوله: \"باب هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم\".
فلو كان الاختلاط جائزاً، وكان هو الأصل لكان حال النساء في الأخذ عن النبي صلى الله عليه وسلم وسؤاله كحال الرجال، فلم يكن هناك غالبٌ ومغلوبٌ، ولقيل لهن: تعالين وساوين الرجال في مكانكن من النبي صلى الله عليه وسلم، أو اجلسن بين ظهراني الرجال، أو تقدمن عليهم. ولا شك أن هذا يتضمن توفيراً للوقت وللجهد، قائد الأمة صلى الله عليه وسلم بأمس الحاجة إليه) ا.هـ.
وهذه المذاهب الفقهية الأربعة جميعها تحرم الاختلاط، وهذه نصوص من أشهر كتب المذاهب الأربعة حتى تعلمون علم اليقين بأن المسألة لم تترك هملا من قبل الرعيل الأول من العلماء والجهابذة، بل قد أشبعوها بحثاً، وحججا، وتذكيراً، ونصحا.
أولاً: المذهب الحنفي:
- قال ابن عبد البر في الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار(2/469) : ( وذكر محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن أبي حنيفة قال : كان النساء يرخص لهن في الخروج إلى العيد ، فأما اليوم فإني أكرهه وأكره لهن شهود الجمعة ،والصلاة المكتوبة بالجماعة ، وأرخص للعجوز الكبيرة أن تشهد العشاء والفجر فأما غير ذلك فلا ).
ثانياً: المذهب المالكي:
- قال الزرقاني في شرح موطأ الإمام مالك (2/8):( وليخرجن تفلات : أي غير متطيبات وللحديث بعده فلا تمس طيبا وسبب منع الطيب ما فيه من تحريك داعية الشهوة ، فيلحق به ما في معناه : كحلي يظهر أثره ، وحسن ملبس ، وزينة فاخرة ، والاختلاط بالرجال ، وأن لا يكون في الطريق ما يخاف منه مفسدة).
ثالثاً: المذهب الشافعي:
- قال الماوردي في الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي (2/473):
( والمرأة منهية عن الاختلاط بالرجال مأمورة بلزوم المنزل وصلاتها فيه أفضل ) .
رابعاً: المذهب الحنبلي:
- قال ابن قدامة المقدسي في المغني (1/328):( إذا كان من الإمام رجال ونساء فالمستحب أن يثبت هو والرجال بقدر ما يرى أنهن قد انصرفن ويقمن هن عقيب تسليمه قالت أم سلمة إن النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كن إذا سلم من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله ؛فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال قال الزهري فترى والله أعلم لكي يبعد من ينصرف من النساء رواه البخاري ،ولأن الإخلال بذلك من أحدهما يفضي إلى اختلاط الرجال بالنساء ).
هذا الكتاب والسنة ، والأئمة الأربعة قد ذكروا الاختلاط في كتبهم، وأبانوا تحريمه؛ بل قد بينوا خطورته؛ لذا .. أعتقد أن أعدائنا من الغرب وغيرهم قد قرؤوا القرآن، والسنة أكثر منا في هذا العصر، وبحثوا عن أقوى الأمور والواجبات التي حث عليها الكتاب والسنة، فاستخلصوها، ونقحوها، ثم درسوا كيف يهدمونها من روح وقلب ووجدان المجتمعات الإسلامية.
بالطبع؛ تجدهم يتكلمون عن الحجاب، وعن الاختلاط، وعن الخلوة؛ نعم لأنهم يعرفون من أين تؤكل كتف الإسلام، وكيف تسقط عرى الإسلام من دون أن نشعر؛ بل ربما بتغرير بعض من قل نصيبه من العلم، وطمع بنصيبه من الدنيا.
نعم؛ هم يريدون أن يهدموا قواعد الشريعة، وأركانها، وأساساتها؛ ثم بعد ذلك .. ماذا ترجوا من بيت بلا أركان؟.
بالطبع؛ أرجوا منه أن يمهلني خمس، أو عشر دقائق لكي أخرج منه؛ لا وألف لا .. لن يمهلني هذا البيت ولو دقيقة واحدة بل سينهدم علي وعلى رأسي ، وعلى كل من احتمى تحته.
نعم؛ يريدون هدم البيت الإسلامي، والعش الزوجي، والنسل الشريف.
وهذا هو حال الغرب من داخلهم، ليصلحوه، ويبنوه، ثم يخبرونا بعد ذلك عن نتائج الاختلاط التي حصدوها. (لنتعظ)
هاهو أحد عقلائهم يسجل هذه الشهادة ، وهو دكتور فرنسي متخصص في جراحة الأمراض النسائية يقول :
« إن أغلب الأمراض الجنسية التي نعاني منها سببها الاختلاط غير المشروع بين الرجل والمرأة ، ولو عدنا إلى أصول هذه المشكلة لوجدنا أن سببها تخلي المرأة والرجل عن حيائهما الذي وضعه الله في كل رجل وامرأة ، وبخاصة وبشكل كبير لدى المرأة ، فالمرأة بعد أن تخلت عن حيائها ، وخالفت بذلك طبيعتها الإنسانية ، راحت تختار الألبسة التي تكشف عن مفاتنها ، فانتشرت الفتنة في المجتمع ، وانتشرت الأمراض بعد ذلك ... لابد من التزام المرأة بلباس موحد على مدى الأزمان لا يغير مواصفات الحشمة فيه و إن تغيرت نوعيته ، فاللباس المحتشم للمرأة في العصور الوسطى هو نفسه لباس الوقحات في العصور القديمة ، ولباس المرأة المحتشمة اليوم هو نفسه لباس العاهرات في القرون الوسطى ، في البداية كانت المرأة تغطي وجهها بغطاء سميك مع تغطية سائر جسمها ، وكانت الوقحات في ذلك الوقت يضعن خماراً شفافاً على وجوههن مع اللباس الساتر لأجسادهن ، وبعد زمن راحت فئة من النساء غير المحتشمات تقصر أثوابها الطويلة شبراً فوق الكعب ، ثم بعد زمن آخر أصبح هذا اللباس هو لباس المحتشمات ، بينما راحت الوقحات يكشفن أذرعهن وشيئاً من صدورهن ، وهكذا حتى أصبحت ا لشريفات اليوم يلبسن ما كانت تلبيه عاهرات الأزمان الماضية » .
إن هذه الشهادة لا تستمد قيمتها لدينا من كونها صدرت من رجل له قيمته ، أو أن شهادته لا ترد, وإنما لكونها صدرت من رجل من وسط ذلك المجتمع الذي عاش التحرر والتخلي عن الدين والحجاب والعفاف .
وأنعطف معكم الآن لأذكر لكم رأيي عالمين في الاختلاط من أكبر علماء الأمة؛ بل هما جبلين راسخين في علم الأمة، ورصيدها العلمي، وكلامهما سيبقى بإذن الله إلى قيام الساعة، ورفع العلم.
* الأول : شيخ الإسلام ابن تيمية حيث ذكر في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم (1/307) الآتي : ( وأما ما يفعل في هذه المواسم مما جنسه منهي عنه في الشرع - فهذا لا يحتاج إلى ذكر لأن ذلك لا يحتاج أن يدخل في هذا الباب- مثل : رفع الأصوات في المسجد ، أو اختلاط الرجال والنساء ، أو كثرة إيقاد المصابيح زيادة على الحاجة أو إيذاء المصلين أو غيرهم بقول أو فعل : فإن قبح هذا ظاهر لكل مسلم ) .
إذاً .. علامة الأمة ابن تيمية -رحمه الله- ذكر الاختلاط، وحذر منه؛بل نهى عنه، بل أكد على أن قبح هذه الأمور التي ذكرها والتي منها الاختلاط ظاهر لكل مسلم، في إشارة صريحة وواضحة من علامة الأمة ابن تيمية بأن الاختلاط واضح القبح، وظاهر لكل مسلم.
فهل تريدون بياناً، ووضوحاً، ونوراً أشد من هذا البيان.
* الثاني : الإمام ابن القيم في كتابه الطرق الحكمية في السياسة (1/406) ذكر الآتي : (ومن ذلك أن ولي الأمر يجب عليه أن يمنع اختلاط الرجال بالنساء في الأسواق والفرج ومجامع الرجال .
فالإمام مسئول عن ذلك والفتنة بِه عظيمة، قال صلى الله عليه وسلم: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء).
وقد منع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه النساء من المشي في طريق الرجال والاختلاط بهم في الطريق ، فعلى ولي الأمر أن يقتدي بِه في ذلك .
ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا وهو من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة .
فمن أعظم أسباب الموت العام : كثرة الزنا ، بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال ، والمشي بينهم متبرجات متجملات ، ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية - قبل الدين - لكانوا أشد شيء منعا لذلك ) . أ.هـ باختصار.
وهذا الكلام من الإمام ابن القيم -رحمه الله- لا ينقصه بيان، أو تعليق؛ فالإمام ابن القيم يحرم الاختلاط، ويعتبره أصل كل بلية وشر ؛بل عده من أسباب نزول العقوبات .. فيا ترى .. هل كانت هذه الكوارث التي حلت بنا هذه الأيام عقوبة من الله بسبب مشاريع (الاختلاط)،و(السينما)،و(قيادة المرأة للسيارة) .. أم أن الله -عز وجل- وتعالى وتقدس لا يغضب، ولا يعجل بعقوبته، ولا ينذر خلقه قبل أن يباغتهم العذاب وهم لا يشعرون؟!!.
وأضيف أيضاً بكلام هام لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- حيث قال في كتاب الاستقامة (1/361) : ( وقد كان من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه التمييز بين الرجال والنساء ، والمتأهلين والعزاب .
وكان إذا سلم لبث هنيهة هو والرجال ، لينصرف النساء أولاً ، لئلا يختلط الرجال والنساء ، وهذا كله لأن اختلاط أحد الصنفين بالآخر سبب الفتنة .
فالرجال إذا اختلطوا بالنساء كان بمنزلة اختلاط النار والحطب .
وكذلك العزب بين الآهلين فيه فتنة ...) .أ.هـ باختصار.
وهذا حديث أسيد الأنصاري - رضي الله عنه - : أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء: \"استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق. عليكن بحافات الطريق\" فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به . أخرجه أبو داود وغيره.
وأيضاً .. من ذلك ما نقله الحافظ ابن الجوزي عن أبي سلامة رحمه الله قال: انتهيت إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يضرب رجالاً ونساءً في الحَرَم، على حوضٍ يتوضئون منه، حتى فرَّق بينهم، ثم قال: \"يا فلان\". قلتُ: \"لبيك وسعديك\"، قال: \"لا لبيك ولا سعديك ، ألم آمرك أن تتخذ حياضاً للرجال وحياضاً للنساء؟!\".
كل هذا يدل على حرص النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من الصحابة - رضوان الله عليهم- أشد الحرص على البعد عن كل ما هو سبب قد يوقع في الاختلاط؛ فكيف لو سمع الرسول الأمين والصحابة الكرام عن أقوام يهيئون كافة أسباب الاختلاط، وسبل إشاعته في بلاد المسلمين؟!!.
بالطبع؛ لن تخلوا بلاد إسلامية من منافقين في كل عصر وفي كل زمان، يشوهون الدين، ويميعون الأحكام، ويحلون الحرام، ويحرمون الحلال؛ ولا أبلغ وصف للمنافقين - وما أكثرهم في هذا العصر- إلا ما وصفهم الله به في كتابه الكريم حيث قال فيهم:
{المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون}.
وقال تعالى:{ وقد نزل عليكم أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا }.
وقد قال ابن القيم - رحمه الله- في المنافقين : \"كاد القرآن أن يكون كلّهُ في شأنهم\".
وبالله عليكم .. هل تستطيع تلك الصحف المنافقة التي تروج للاختلاط بأن تنشر كلام الأئمة الأربعة، وكلام ابن تيمية، وابن القيم، وغيرهم من علماء الأمة الراسخين في العلم، وقبل ذلك الأدلة الصريحة من الكتاب والسنة؟ ..
بكل تأكيد .. لا وألف لا ؛ فهم يريدون فساد وكلام العلماء ينهى عن الفساد، وهم يريدون فتنة وكلام العلماء ينهى عن الفتنة، وهم يريدون اختلاط وكلام العلماء يحارب الاختلاط.
فأي الفريقين أحق بالأمن من مكر وغض الله وحلول عقوبته؟!!.
* وليس غريباً ولا عجيباً أن نشاهد الصحف العلمانية، والمنابر اللبرالية في العديد من الصحف والقنوات العربية والإسلامية وللأسف الشديد، وهي تنتقى الدعاة، أو العلماء الذين لم يرسخوا في العلم، ولم ينبغوا في الفتوى، ليدلوا للعامة بما يوافق هوى تلك القناة أو الصحيفة.
وقد يقول أحد القراء الكرام؛ ومن أنت حتى تنتقد عالم، أو تشكك بأنه من أتباع العلمانية، وأذنابها، أو أنه ممن تلطخ بأفكارهم؟!!.
فأقول معك حق ولكن؛ بعد أن تستمع ليس إلى نصيحة للعلماء بل إلى تصنيف صريح، وواضح للعلماء ؛ بل ومن علامة الأمة الشيخ الداعية المصلح التقي العابد الزاهد محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله رحمة واسعة - حيث يقول:
- العلماء ثلاثة أقسام:
الأول : عالم الملة.
هو الذي ينشر دين الإسلام ويفتي بدين الإسلام عن علم ولا يبالي بما وافق هوى الناس أم لم يوافقهم .
الثاني : عالم الدولة
الذي ينظر بما تريد الدولة فيفتي بما تريد الدولة ولو كان ذلك فيه تحريف للكتاب والسنة .
الثالث : عالم الأمة
الذي ينظر ماذا يرضي الناس، إذا رأى الناس على شيء أفتى بما يرضيهم ثم يحاول تحريف الكتاب والسنة الموافق لأهواء الناس .ا.هـ.
وكلنا يعلم علم اليقين أننا لم ولم نسمع هذا الحديث والجدل بل والتشكيك في حرمة الاختلاط إلا بعد قضية الاختلاط التي حدثت في جامعة الملك عبد الله.
فهناك القليل بل والقليل جداً من العلماء والدعاة بل أستطيع أن أعدهم على الأصابع - هداهم الله وردهم إلى صوابه - ممن وافقوا اتجاه الجامعة التي تدعوا إلى الاختلاط بين الطلاب والطالبات.
فبالله عليكم أي تصنيف من هذه التصنيفات الثلاثة التي ذكرها ابن عثيمين - رحمه الله - تريدونا أن نضع هؤلاء العلماء بها.
أترك الإجابة لكم ولضمائركم ولعلمي أن الحق بينٌ كالشمس، والنور واضح كبياض القمر، لكل من أراد الحق وبحث عنه، أما من أراد إتباع الهوى، والنفس، والشيطان، فالدنيا أمامه ليفعل ما يشاء، والآخرة حسابه فإلى أين سيفر؟.
ومن باب الصدع بالحق؛ أكدت الكاتبة نورة الخاطر في رسالة بعثت بها إلى \"المسك\" أن اختلاط الرجال بالنساء مفسدة لا يؤيدها إلا مريض قلب ونفس سواء كان رجلا أو أنثى. وأردفت بأنّ الله جلّ وعلا قد حرم علينا ودعانا إلى نبذ كل ما من شأنه إثارة الشهوات ومنه الاختلاط والتبرج الذي شاع كثيرا في مجتمعنا الحالي.
وأشارت إلى أنّ الله سبحانه وتعالى قد حذّرنا من فتنة النساء وأنّ الكثير من الناس قد عاد إلى الجاهلية مؤكّدة بأنّ الدعوة إلى الاختلاط لا تصدر إلا عن جاهل أو فاسق. ثم ختمت الكاتبة سائلة الله عز وجل أن يكبح الشر وأهله.ا.هـ.
وأيضاً .. لمن قرأ التاريخ، وسبر أغواره؛ ليعلم علم اليقين بمثل تلك الحوادث التي تطرأ وتنشأ على السطح فينكرها العامة، ويرفضها العلماء بحجة مخالفتها الصريحة للشرع ؛ فعندها يبحث الحاكم عما يوافق هواه، ورأيه -إلا ما رحم ربي-.
وأذكر مثالاً على ذلك: القصة المشهورة التي اشتدت بين المعتصم والإمام أحمد بن حنبل في فتنة خلق القرآن؛ وكيف ثبت هذا الجبل والإمام العظيم في وجه هذه الفتنة؛ بل صبر على التعذيب، والجلد، والسجن؛ حتى كاد أن يهلك.
ويقول العديد من علماء الأمة: أنه لولاء الله ثم ثبات الأمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - في هذه المحنة لأتانا الدين معوجاً ؛ قترانا نقول القرآن مخلوق وليس منزل.
وأيضاً : التاريخ يعيد نفسه؛ فاليوم يقال عالم لأنه أفتى بعدم جواز الاختلاط، مع أن السواد الأعظم ينكره ولا يقره؛ كل هذه محاولات لثني الرأي الأعظم الذي يؤمن به سكان هذا البلد الطاهر، بلد الحرمين، ورفضهم أن تكون بلد القبلة هي بلد الفتنة، والتبرج، والاختلاط.
ولو لم نقف في مثل هذا الصف الواحد والقوي؛ لشاع الاختلاط، وانتشر، ولأتى جيل جديد يؤمن بالاختلاط 100% بدون شك لأنه نشئ وترعرع عليه - إلا أن يشاء الله-.
ولمثل أولائك العلماء والدعاة المعدودين على الأصابع والمغترين بهم أقول: قال الله تعالى: { إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون }.
يقول الشيخ: سليمان بن أحمد الدويش كلاماً يكتب بماء الذهب في شأن أولائك المغترين بالأفكار الشاذة، والمعدودين على الأصابع:
\"وفي زمن الفتن , وتكالب الأعداء , وكثرة الشرور , وانتشار المغريات , ووجود الدوافع لإتباع داعي الهوى , فالمتعين الأخذ عن الثقات الأثبات , وخاصة من مات منهم , كما قال ابن مسعود رضي الله عنه : ( من كان مستناً فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة ) , والفتنة قد تعددت أشكالها وتنوعت , فمنها فتنة الشهوة , كشهوة المال , وشهوة المنصب , وشهوة الفرج , وشهوة الشهرة , وشهوة السمعة , ومنها فتنة الشبهة , وكل هذه الفتن مما قد يصاب به الإنسان من حيث يعلم أو لا يعلم , ولهذا فقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من الفتن , ما ظهر منها وما بطن , وكان يكثر من سؤال ربه الهداية لما اختلف فيه من الحق .
أذكر أن متعالما كان يقول بجواز زواج الخامسة , وكان لا يرى الصلاة مع الجماعة , وكان يقول بجواز الاختلاط ومصافحة النساء والخلوة , وكنت أكره ذلك منه وأنكره , حتى علمت أنه ممن ابتلاه الله بكثرة السفر خارج البلاد , والزواج بنية الطلاق , وأنه ممن يتساهل فيه تساهلاً لا حدود له , وأنه قد يقع في بعض المواقف المصادمة لرغبته , فزال عندها عجبي , وأدركت أنه قد استحكمت فيه الشهوة , وأن ما كان يقول به إنما دفعه إليه رغبته في تبرير بعض ما يفعله من سوء , ومحاولة إلباس مخالفاته لبوس الشرع والحق .
ومثل هؤلاء في شريعة الله مجرمون خونة , لا يمكن أن يؤتمنوا على بهيمة في فلاة , فضلاً عن أن يكونوا أمناء على شريعة رب العالمين , لأنهم بإخضاعهم لأحكام الشريعة , ومحاولة لي نصوصها , وحرف مدلولها , لتتوافق مع طباعهم الفاسدة , ونزواتهم البهيمية , كاليهود الذين يحرفون الكلم عن مواضعه عياذا بالله \" ا.هـ.
ويقول الشيخ عبد العزيز الطريفي: (ويكفي المُنصف أنه لا يُعلم عالم على مر قرون الإسلام الخمسة عشر قال بجواز الاختلاط في المجالس والتعليم، وكنت طالباً للإنصاف، وتحصّل لي أكثر من مائة عالم وفقيه عبر تلك القرون يقطعون بعدم الترخيص فيه، قال الحافظ أبو بكر محمد بن عبدالله العامري في كتابه \" أحكام النظر \" (287): ( اتفق علماء الأمة أن من اعتقد هذه المحظورات, وإباحة امتزاج الرجال بالنسوان الأجانب؛ فقد كفر, واستحق القتل بردته. وإن اعتقد تحريمه وفعله وأقر عليه ورضي به؛ فقد فسق, لا يسمع له قول ولا تقبل له شهادة )انتهى.
ويقول الأخ/ حامد العمري في موقع المسلم :
\" وبعيداً عن موقفي الفريقين (أي الرافضين والمؤيدين للاختلاط)، فقد يكون من المنطقي النظر في جدوى الاختلاط من عدمه، وهل تساعد البيئة المختلطة على الإنتاجية والنجاح، أم أن ما يحدث هو العكس، وذلك من خلال استعراض بعض الدراسات الميدانية أو الشهادات الواقعية لبعض الذين مارسوا أو عايشوا العمل في بيئات مختلطة.
(1) فمحلياً أجرت صحيفة اليوم السعودية تحقيقاً اشتمل على مقابلات مع موظفات تفرض طبيعة عملهن الاتصال بالرجال أو مقابلتهم، وقد اشتكين من تعرضهن لأنواع كثيرة من التحرش الجنسي الوظيفي.
(2) أما على المستوى العربي فقد أجريت دراسة جادة وحديثة على عينة من مائة (100) من العاملات في الأجهزة الحكومية والقطاع العام من المقيمات بمدينة القاهرة الكبرى، اللائي بلغ متوسط أعمارهن (30.7 + 11.8)، وقد كشفت الدراسة أن نسبة (68%) من أفراد العينة تعرضن لأحد أشكال التحرش الجنسي اللفظي أو البدني.
(3) أما في الغرب ففي مسح أجرى على عاملات مدنيات أمريكيات تبين أن (42%) من النساء ادعين أنهن تعرضن للتحرش الجنسي في أعمالهن.
(4) وخلصت نتيجة مسح آخر إلى أن مشكلة التحرش الجنسي تعد من أهم المشكلات التي تواجه المرأة العاملة.
(5) وفي دراسة للمؤسسة الوطنية البريطانية للبحث التعليمي, نشرت في 8 يوليو 2002، وأجريت على 2954 مدرسة ثانوية في انجلترا لدراسة مدى تأثير حجم المدرسة ونوعها (مختلطة أو غير مختلطة) على أدائها التعليمي، تبين أن أداء الطلبة الذكور والإناث كان أفضل دراسيا في المدارس غير المختلطة وأن الفتيات كن أكثر استفادة من الفصل بين الجنسين في تنمية أدائهن.
كذلك وجد من تحليل نتائج الامتحانات البريطانية العامة أن المدارس غير المختلطة تحقق أفضل النتائج وأعلاها بشكل روتيني. ففي سنة 2001 كان العشرون الأوائل في امتحانات البريطانية من طلاب المدارس غير المختلطة، وأغلب الخمسين الأوائل من الدارسين في تلك المدارس.
(6) وتقول (Lin Farley): في كتابها (الابتزاز الجنسي Sexual Shakedown) (الذي أحدث ضجةً كبرى لدى صدوره في الغرب، وفي أمريكا على وجه التحديد) : (إن الاعتداءات الجنسية بأشكالها المختلفة منتشرة انتشاراً ذريعاً في الولايات المتحدة وأوروبا، وهي القاعدة وليست الاستثناء بالنسبة للمرأة العاملة في أي نوع من الأعمال تمارس مع الرجل...) وقالت: (.. إن تاريخ ابتزاز المرأة العاملة جنسياً قد بدأ منذ ظهور الرأسمالية، ومنذ التحاق المرأة بالعمل).
ومن المؤكد أن مثل هذه الدراسات والقناعات التي توصل إليها بعض الغربيين هي ما حدا ببعض مؤسسات المجتمع المدني وعلى رأسها مؤسسة (Single Sex Education) إلى السعي إلى توعية المجتمع الأمريكي بخطر الاختلاط، وقد نجحت وبعد سجال دام ما يقارب 10 سنوات مع بعض المعارضين في إقناع الحكومة، فكان أن أصدر الرئيس جورج بوش في عام 2006 قانون يسمح بفتح مدارس حكومية غير مختلطة\".
ولم تسلم المرأة وقضية اختلاطها بالرجال من الاجتماعات الدولية، والمناقشات الطويلة، وأحيلكم إلى كتاب: (العدوان على المرأة في المؤتمرات الدولية) للدكتور/فؤاد عبد الكريم العبد الكريم.
وقد أقتطف لنا الدكتور لطف الله بن عبد العظيم خوجه من الكتاب هذه الأسطر، حيث يقول: (جاء في مؤتمر كوبنهاجن: \"توفير المساعدة اللازمة لإقامة تعليم مختلط\".
جاء في مؤتمر القاهرة: \"ينبغي إزالة أوجه الجور والحواجز القائمة، التي تقف أمام المرأة في مكان العمل\".
يعنون بالاختلاط: تعليم وعمل مشترك بين الجنسين. وهو ضد الفصل في هذا النشاطات.
فهل من حقوق المرأة أن تختلط بالرجال ؟.
الحقوق - كما تقدم - هي: التي لا تصلح حياة الإنسان وكرامته إلا بها.
فهل حياة المرأة لا تصلح، وكرامتها لا تتم إلا بأن تخالط الرجال في التعليم، والعمل ؟.
ما الذي تخسره المرأة إن هي تباعدت، فتعلمت، وعملت في بيئة نسائية خاصة ؟.
وما الذي تكسبه إن اختلطت بالرجال ؟.
ولو فرض أن للاختلاط مكاسب، مثلما ما يقال: اكتساب الخبرة، والمعرفة، والثقة، والاحترام.
فما نسبة هذه المكاسب إلى الخسائر ؟!..
أو لا خسائر في الاختلاط ؟!!.
أو خسائر تغتفر في بحور المكاسب ؟!!.
مسائل لا بد من الإجابة عنها بصدق، ونصح؛ فتجارب الاختلاط عرفتنا بالمكاسب والخسائر، وصار من السهل جدا المقارنة بينهما، فأصحاب الشأن، أولئك الذين خاضوا تجربة الاختلاط - خصوصا النساء - كل يوم يحكون للعالم عن تجربتهم، فماذا يقولون ؟.
إنهم يحذرون من الاختلاط، ويدعون إلى الفصل بين الجنسين:
- فها هو الرئيس الأمريكي جورج بوش يدعو إلى الفصل بين الطلاب والطالبات في المدارس.
- وهاهو وزير التربية الأمريكي ينادي بالفصل بين الذكور والإناث في المدارس.
- وهاهي المدارس والكليات والمعاهد الخاصة بالإناث تنتشر في الولايات المتحدة الأمريكية، وتنتشر كذلك في دول أوربا.
- وكثير من الكتّاب والكاتبات وأصحاب الفكر في الغرب يحذرون من الاختلاط في التعليم: [انظر: مقولاتهم، ودراساتهم في كتاب: العدوان على المرأة في المؤتمرات الدولية. ص232-239]
- كما يحذرون من العمل المختلط. [انظر: مقولاتهم، ودراساتهم في كتاب: العدوان على المرأة في المؤتمرات الدولية. ص311-318. كذلك كتاب: عمل المرأة في الميزان. لمحمد علي البار].
بعد تجربة دامت أكثر من قرنين يرتدون عن وصايا فرويد ونظرياته حول الكبت..!!.
فما الذي حصل ؟.
- الذي حصل: انتشار حالات الاغتصاب من الذكور للإناث، في كل مكان، حتى في دورات المياه.
- الذي حصل: تدني مستوى التحصيل عند الجنسين، لاشتغال كل جنس بلفت نظر الآخر.
- الذي حصل: حمل الفتيات سفاحا في سن مبكرة، ودخولهن عالم الأمومة، وحالات الإجهاض.
- الذي حصل: ظلم المرأة، وابتزازها، وتحطيم معنوياتها، واستغلال جسدها.
- الذي حصل: تحرش جنسي من الرئيس للموظفة، والمدير للمعلمة.
- الذي حصل: آلام ومشاكل نفسية عانت منها الفتاة، والمرأة، ولازمتها طيلة الحياة.
هذه الأمور هي التي أعادوا لأجلها النظر في الاختلاط بين الجنسين.. والسلبيات غير هذه كثيرة، لكنهم وبحسب فهمهم للحريات، لا تعنيهم تلك السلبيات كثيرا.
فهذه هي الخسائر، إزاء ما يمكن اعتباره مكاسب، فأين هذه من هذه ؟.
المشكلة تكمن في: أن الغرب يدرك هذه المخاطر، ثم هو يوجه هذه المنظمات لتكرار تجربته في دول أخرى.
مما يدل على أن ثمة أيدٍ تعمل على نشر سلبيات وأخطاء الغرب، لتعم العالم كله، لتؤدي الدور نفسه التي أدته في الغرب، وتتجرع الشعوب نفس الداء الذي تجرعه الغرب)ا.هـ.
وهذه قصة واحدة من بين آلاف القصص التي تحدث في الوطن العربي والإسلامي جراء الاختلاط في شتى مناحي الحياة، وتطالعنا بها صحفنا العربية والإسلامية دونما سؤال أو تلميح فضلاً عن التصريح بأن الاختلاط هو السبب .. لنستمع إلى هذا الخبر الذي قرأته في صحيفة الاقتصادية السعودية بهذا النص: ...
( معلمة تتعرض لاغتصاب جماعي جنوب المغرب )
الدار البيضاء :د ب أ
تعرضت مدرسة مغربية تعمل في مدرسة ابتدائية للخطف من جانب مسلحين في منطقة زاوية الشيخ جنوبي البلاد. وذكرت صحيفة الصباح اليوم أن المدرسة التي كانت متوجهة ليلة الثلاثاء/الأربعاء من الدار البيضاء إلى منطقة الريش (جنوبي المغرب حيث توجد المدرسة الابتدائية) تعرضت للخطف. ووقع الحادث عندما توقفت الحافلة التي كانت تستقلها المدرسة من أجل تناوب الركاب وجبة العشاء. وأخذت المعلمة مكانها في مائدة المطعم في انتظار النادل،(طبعاً المطعم مختلط، والآنسة بدون محرم!!) إلا أن شخصين باغتاها بسلاح أبيض وأمراها بمرافقتهما، وحاولت الاستنجاد بصاحب المقهى وبالزبائن ولكن دون جدوى(طبعاً فريسة جاهزة وطازجة 100%). وبعد أن أبلغ شاهد عيان الدرك الملكي بالحادث، وصلت عناصر الدرك وعملت على اقتفاء أثر المخطوفة والشخصين المسلحين، غير أن عملية البحث التي شملت المناطق المجاورة لم تثمر عن نتيجة(طبعاً ليست عملية الاختطاف الأولى التي تتوصل فيها الشرطة إلى صفر من الأدلة). وعاد المسافرون الذين رافقوا رجال الدرك الملكي وأكملت الحافلة طريقها إلى الريش بدون المعلمة التي ظل مصيرها مجهولا(دعوا الاختلاط في المطعم والحافلة ينفعها ). وأضافت الصحيفة أن عناصر الدرك الملكي توصلت إلى معلومات تفيد بوجود أشخاص بينهم فتاة. وفي حوالي الساعة السادسة من اليوم التالي ، تم العثور على المعلمة بعد أن ذاقت مختلف أنواع الاعتداء الجنسي والاغتصاب من قبل أفراد العصابة (يعني عندما شبعوا منها، وربما عزموا عليها بعض الأصدقاء)، فيما تم اعتقال الجناة والتحقيق معهم(بعد ما فات الفوت).
انتهت القصة .. وذبح معها شرف، وأهدرت كرامة، في مسرحية تتكرر للأسف في كثير من بلادنا العربية والإسلامية بسبب اختلاطها بالرجال، ورميها للحجاب، وركضها خلف ما يمليه عليها هواها لا دينها.
وإن من العجيب، والمثير بل ربما المثير للاستهتار هو ما تسمعه وتشاهده في العديد من البرامج والصحف التي تدعي محاربتها لتلك الجرائم المخلة بالشرف، حيث تقف فتاة أمام الشاشة، وهي مرتدية الجنز الضيق، والكعب العالي، مع تسريحة لشعرها؛ لتشتكي بعدها من مضايقة الشباب لها في الأسواق، والجامعات، والمطاعم، وغيرها من الأماكن المختلطة عندهم!!..
يا سبحان الله .. يريدون من الكلب المسعور أن يشاهد اللحمة الطازجة وهي مكشوفة أمامه دون أن يقترب منها؛ بل أن يغض الطرف عنها.
يا ترى .. كم سينتظر هذا الكلب المسعور، الذي يسيل لعابه لهفاً على تلك اللحمة، التي تتمايل وتتراقص أمامه؟!!.
يا شرفاء، ويا أغيار، بل يا أطهار؛ هذا العرض بحاجة إلى صيانة من أن يلغ فيه كلب، أو أن يمج فيه نذل، فضلاً عن أن ينهش بطرف بصر.
وها هي إحدى الدول الخليجية (الكويت) التي جربت الاختلاط، وذاقت مراراته، وحاولت التخلص منها ولكن دون جدوى.
إلا أنها استسلمت الآن، واتجهت إلى الحل الأمثل للقضاء على مشاكل الاختلاط ألا وهو منع الاختلاط من أساسه؛ وفعلاَ بدأت بمنع الاختلاط في التعليم الخاص، في خطوة منها للقضاء عليه في جميع مراحل التعليم، تتبعها خطوات أخرى في الطريق بإذن الله.
ونرجوا الله أن يحمي بلادنا من شره، وأن تتعظ من غيرها، وأن تتخلص منه جميع الدول العربية والإسلامية.
يقول الشيخ /إبراهيم السكران -حفظه الله- :
ومع بدء بروز المشكلات المصاحبة لنمط التعليم المختلط، وعدم بروز تلك النتائج الإيجابية المبالغ فيها التي راهن عليها أنصاره، تناقص الحماس الشعبي العارم لهذا النمط من التعليم، وبدأ يتزايد الطلب الاجتماعي على المدارس غير المختلطة (المنفصلة) حتى أنه في التسعينات كما تصور ذلك في الولايات المتحدة البروفيسوره سالومون وهي أستاذة القانون الدستوري والإداري بجامعة سانت جونز في نيويورك- حيث تقول : (وفي نفس الوقت - أي في التسعينات - تزايد الاهتمام بالتعليم غير المختلط بين مدارس القطاع الخاص، فبين العام 1998 و العام 1999 لوحدها زاد التسجيل في مدارس الفتيات المستقلة بنسبة 4.4%. وأما في مدينة نيويورك، بما تحمله من كثافة للمدارس الخاصة، فقد قفزت الطلبات إلى نسبة ضخمة تصل إلى 69%. ومن الواضح أن ثمة أمراً ما أقنع أولياء أمور الطلاب بأن المدارس غير المختلطة تمثل استثماراً جيداً في مستقبل بناتهم) (Salomone2003).
ومع هذا الطلب الاجتماعي إلا أنه في واقع الحال ظل هامشياً بسبب تلك التنظيمات التي حدت منه في التعليم العام، ولكن مع ازدياد ضغوط أنصار هذا الاتجاه ظهر في الولايات المتحدة عام 2002م تشريع فيدرالي جديد يعزز ضمن مواده نظام التعليم غير المختلط، ويدعمه ببرامج تمويلية، وهو القانون المسمى (NCLB,2002)، وبعد ذلك تزايدت المدارس غير المختلطة في أمريكا حتى بلغت إلى شهر نوفمبر 2009 - بحسب إحصائيات المنظمة الوطنية للتعليم العام غير المختلط - أكثر من 547 مدرسة عامة غير مختلطة (NASSPE,2009).
وأما في بريطانيا فلم يظهر من الأصل قانون يفرض التعليم المختلط، ولذلك بقي جزء من مدارسها محافظاً على النظام غير المختلط (المدارس المنفصلة)، ويقدرها البروفيسور سميثرز -أحد ألمع خبراء التعليم في بريطانيا- بأنها تزيد على 400 مدرسة تعمل بنظام التعليم غير المختلط (The Observer,2006)، ولذلك يبدي أستاذ علم الاجتماع في جامعة سوسكس د.جنيفر شو هذه المقارنة ببقية الدول الغربية فيقول : (على الرغم من أن بريطانيا ليست منفردة في هذا المجال، فإن الفصل الجنسي في مدارسها أصبح مظهراً متميزاً بحيث يضع نظامها للتعليم الثانوي بعيداً عن عدد من الدول المتقدمة التي يعتبر التعليم المختلط فيها مسألة طبيعية، كما في الولايات المتحدة على سبيل المثال) (Shaw,1984).
وأما أهم (المنظمات الأمريكية) الفاعلة في مجال دعم التعليم غير المختلط (المدارس المنفصلة) فأهمها: المنظمة الوطنية للتعليم العام غير المختلط (NASSPE) وقد تأسست عام 2002م.
ومؤسسة تعليم الفتيات، وقد تأسست عام 2002م (feyw.org). والائتلاف الوطني لمدارس الفتيات (NCGS)، وغيرها.
وأما في بريطانيا فأهم تلك المؤسسات الداعمة للتعليم غير المختلط: منظمة مدارس الفتيات (GSA) وتأسست عام 1974م.
وكل هذه المنظمات لها مواقع خاصة على (شبكة الانترنت) توفر من خلالها مادة غزيرة حول مواقع المدارس التي توفر تعليماً غير مختلط (منفصل)، كما تزود الزائر بخلاصات لأبحاث ودراسات وتقارير تدعم موقفهم المناهض للتعليم المختلط، بالإضافة إلى أخبار دورية عن أهم المؤتمرات والندوات التي تدعم التعليم غير المختلط (المنفصل).ا.هـ.
وهذه الأمم الغربية بدأت تعمل على الفصل بين الجنسين في كليات كثيرة بلغت المائة في الولايات المتحدة الأمريكية، وبلغت أعدادا كثيرة في أوربا، عدا المدارس العامة.
وفي المكسيك قامت بجعل حافلات للنساء و أخرى للرجال.
وذلك الفصل بين الجنسين جاء بعد وقوف كامل على المشاكل التي جنيت من وراء الاختلاط، من: زنا، وشذوذ جنسي، وأمراض، وانتهاكات لمكانة المرأة، من قبل من لا ينظر إليها إلا نظرة الشهوة.
سبحان الله .. تقوم دول العالم الكبرى بوضع خطط لفصل الرجال عن النساء !!! لأنه عندما ينسلخ الإنسان من الدين يصبح مثل البهائم ليس له هم إلا إشباع شهوته، وهذا ما يحدث الآن في الكثير من البلاد الإسلامية يسقطون العلماء حتى لا يصبح للناس مرجعية فيصبحون كقطيع غنم ليس له قائد.
تقول الصحفية الأمريكية \" هيليان ستانبري \" أنصح بأن تتمسكوا بتقاليدكم وأخلاقكم ، امنعوا الاختلاط ، وقيدوا حرية الفتاة ، بل ارجعوا لعصر الحجاب ، فهذا خير لكم من إباحية وانطلاق ، ومجون أوربا وأمريكا ، امنعوا الاختلاط ، فقد عانينا منه في أمريكا الكثير ، لقد أصبح المجتمع الأمريكي مجتمعاً مليئاً بكل صور الإباحية والخلاعة ، إن ضحايا الاختلاط يملؤون السجون، إن الاختلاط في المجتمع الأمريكي والأوروبي ، قد هدد الأسرة وزلزل القيم والأخلاق \" .
وتقول الكاتبة \" أنارود \" : (إنه لعار على بلاد الإنجليز أن تجعل بناتها مثلاً للرذائل بكثرة مخالطة الرجال) .
وفي بريطانيا حذرت الكاتبة الإنجليزية \" الليدي كوك \" من أخطار وأضرار اختلاط النساء بالرجال ، حيث كتبت محذرة : على قدر كثرة الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنا , لقد دلنا الإحصاء على البلاء الناتج من حمل الزنا يتعاظم ويتفاقم حيث يكثر اختلاط النساء بالرجال ، علموهنَّ الابتعاد عن الرجال ، أخبروهنَّ بعاقبة الكيد الكامن لهنَّ بالمرصاد.
هذه أقوالهم من واقع حالهم .
أما الأرقام والإحصائيات عن أضرار اختلاط النساء بالرجال فتوضح أن 70% إلى 90% من الموظفات العاملات بمختلف القطاعات ارتكبت معهنَّ فاحشة الزنا .
ونصف من أجري معهنَّ استفتاء ممن يعملن في مجال الأمن تعرضنَّ لارتكاب فاحشة الزنا من قبل رؤسائهنَّ في العمل .
حتى الجامعات وأماكن التربية والتعليم لم تسلم من هذه الموبقات فأستاذ الجامعة يرتكب الفاحشة مع طالبته ، والطلاب يفعلون ذلك مع الطالبات والمعلمات بالرضا أو الإكراه .
بل قررت الحكومات الأوربية والأمريكية تعليم الطالبات وسائل منع الحمل للحد من حالات الإجهاض وولادة السفاح .. طبعاً بسبب الاختلاط والانحطاط الخلقي عند أولائك القوم.
هذه أقولهم، وأحوالهم، وإحصائياتهم في تلك الدول الغربية؛ بل إن بعضهم قدم للدول وللعالم أجمع نصائح وعبر - ذكرتها في المقالة - لمنع الاختلاط، والمحافظة على استقلالية التعليم، والعمل، وعدم الخلط إطلاقاً.
فهل من سامع؟!! .. وهل من مجيب؟!!.
وأيضاً .. هناك العديد من كتابنا، وكاتباتنا في البلدان الخليجية، والعربية، والإسلامية ممن تولوا حفر الخندق الرهيب المرصع بمغريات الحرية والسفور والاختلاط؛ هاهم العديد منهم قد ندم، وتحسر، وتراجع، بل وأعلنها صريحة: ( لا للاختلاط .. نعم للقرار بالبيت ).
* فهذه الكاتبة الكويتية المشهورة ( غنيمة المرزوق ) رئيسة تحرير مجلة أسرتي تتحدث لبنات جنسها بصراحة فتقول : ( عيب أنتِ بنت ) كلمة سمعناها كثيرا في طفولتنا ..ورددتها ( أغلب العجائز ) آنذاك .
كنا نرى الولد يحظى بكل أنواع المتعة من مأكل وملبس ولعب وسيارات .. كان قلبنا يحترق ..نريد أن نلعب بـ الفريج ولكن الحكارة لنا بالمرصاد وكلمة عيب ..عيب .. كان كل شيء عيبا ، ولا نعرف ما معنى عيب ..وببراءة الطفولة سألت جدتي ( كيف أصبح رجلاً ) ؟ فردت بدهاء ( حِبي كوعك ) والكوع هو العظم الذي يفصل الذراع عن الزند .. حاولنا مراراً مع بنات الفريج دون جدوى .. كبرنا وكبرت آمالنا وتطلعاتنا، نلنا كل شيء .. نهلنا من العلم والمعرفة ما يفوق الوصف .. أصبحنا كالرجال تماما .. نقود السيارة !! نسافر إلى الخارج !! نلبس البنطلون !! .. ارتدينا الماكسي الشبيه بالدشداشة ، والحجاب الشبيه بـ الغترة .. أصبح لنا رصيد في البنك .. أصبح لنا رجل يحمينا ويعطينا كل شيء دون قرقة أو نجرة .. وصلنا إلى المناصب القيادية واختلطنا بالرجال ، ورأينا الرجل الذي أخافنا في طفولتنا .أصبحنا ـ نحن النساء ـ رجالا وبدأت تعتري أجسادنا الأمراض ، وأصبنا كما يصاب الرجل نتيجة تحمل المسؤولية بـ السكر وتصلب الشرايين .. بدأ الشيب يغزو الشعر الأسود .. وبدأ الشعر الكثيف الذي كأنه ليل أرخى سدوله بالسقوط .. وبدأت الصلعة تظهر نتيجة التفكير و التأمل والذكاء !! الرجل كما هو .. والمرأة غدت رجلا تشرف على منزلها وتربي أطفالها وتأمر خدمها .. وتقف مع المقاولين وتقابل الرجال في العمل .. وكثرت هذه الأيام ظاهرة العقم عند النساء، وعن سؤال وجه لاختصاصي كبير في الهرمونات قال : إن هناك تزايدا في هرمونات الذكورة عند النساء في الكويت وقد يكون سببها البيئة !! .. هذه حقيقة ذكرها طبيب عريق في مجال العقم وبعد أن نلنا كل شيء .. وأثلجت صدورنا انتصاراتنا النسائية على الرجال في الكويت أقول لكم بصراحتي المعهودة : ( ما أجمل الأنوثة ) وما أجمل المرأة .. المرأة التي تحتمي بالرجل، ويشعرها الرجل بقوته ، ويحرمها من السفر لوحدها ويطلب منها أن تجلس في بيتها .. تربى أطفالها وتشرف على مملكتها وهو السيد القوي .. نعم أقولها بعد تجربة .. أريد أن أرجع إلى أنوثتي التي فقدتها أثناء اندفاعي في الحياة والعمل .. إن الذكاء نقمة في بعض الأحيان، وأغلب الأمراض الحديثة نتيجة ذلك .. وما أجمل الوضع الطبيعي لكل شيء .. لقد انفتح المجال أمامنا بشكل أتعبنا جميعا .. والآن .. لو تيسر لنا فعلا وبالآلات الحديثة ( حبة الكوع ) فلن أفعل هذا العمل إطلاقا .. ولن أخبركم بالسر ، ولكن سأحتفظ به لنفسي).
* وهذا اعتراف آخر للأديبة الكويتية ( ليلى العثمان ) حيث كتبت تقول : ( سأعترف اليوم بأنني أقف في كثير من الأشياء ضد ما يسمى بحرية المرأة .. تلك الحرية التي تكون على حساب أنوثتها .. وعلى حساب كرامتها .. وعلى حساب بيتها وأولادها .. سأقول : إنني لن أحمل نفسي ـ كما تفعل كثيرات ـ مشقة رفع شعار المساواة بينها وبين الرجل ..نعم أنا امرأة .. ثم تقول : هل يعني هذا أن أنظر إلى البيت ـ الذي هو جنة المرأة ـ على أنه السجن المؤبد ، وأن الأولاد ما هم إلا حبل من مسد يشد على عنقي .. وأن الزوج ما هو إلا السجان القاهر الذي يكبل قدمي خشية أن تسبقه خطوتي ؟ لا .. أنا أنثى أعتز بأنوثتي .. وأنا امرأة أعتز بما وهبني الله .. وأنا ربة بيت .. ولا بأس بعد ذلك أن أكون عاملة أخدم خارج نطاق الأسرة .... ولكن؛ - ويا رب أشهد - بيتي أولا .. ثم بيتي .. ثم بيتي .. ثم العالم الآخر ).
* وهذا اعتراف آخر لأحد دعاة التحرير يقول كلمة حق في القضية ذاتها .. إنه أنيس منصور يقول في كتابه ( يوم بيوم ) : ( إن اليتيم ليس هو الذي مات أبوه أو أمه ..ولكن اليتيم هو الذي له أب وله أم ولكنه لا يشعر بهما .. يريانه ولكن لا يلمسانه ويلمسانه ولكن بلا حنان .. فلا هما موجودان بالنسبة له ولا هو موجود بالنسبة لهما .. لأن الرجل يعمل والمرأة تعمل وليس عندهما متسع من الوقت لتربية الأطفال )
ثم يأمل أنيس منصور : ( أن يجيء ذلك اليوم الذي تعود فيه المرأة إلى البيت لكي تكون أماً ولكي تساهم في إنقاص عدد الأيتام ).
* وهاهو ذا الكاتب الروائي الشهير إحسان عبد القدوس الذي أغرق السوق الأدبية برواياته الداعية إلى خروج المرأة من البيت والاختلاط بالرجال ومراقصتهم في الحفلات والنوادي والسهرات ، يقول في مقابلة أجرتها معه جريدة الأنباء الكويتية في عددها الصادر بتاريخ 18/1/1989 : ( أعتبر أن أساس مسؤولية أي امرأة هو البيت والأولاد ، وهذا ينطبق عليّ بالدرجة الأولى ، فلولا زوجتي ما كنت أستطيع تحقيق الأس